إن الأمة الإسلامية اليوم تعيش غربتها الثانية التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء)، وتعيش حالة من اليتم والضياع، حيث عصفت عليها رياح الفتن التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الكثيرة؛ وإن من أعظم ما ابتليت به هذه الأمة هو سقوط الخلافة التي كانت تحرس دين المسلمين، وتسوس دنياهم على مقتضى الشريعة الغراء، وهذا الأمر- أعني سقوط الخلافة - أنتج لنا واقعاً مراً في شتى مجالات الحياة: فأصبحت قوانين الكفار تحكم رقاب المسلمين وأعراضهم وأموالهم، بعد أن كانت السيادة لكتاب الله تعالى، وأصبح المسلمون ذيلاً بعد أن كانوا قادة لغيرهم من الأمم، وأصبحت ثرواتهم الضخمة نهبة لكل سارق، وفريسة لكل طامع، ونجح أعداؤنا - إلى حد كبير- في سلب شعور الاعتزاز بهذا الدين في نفوس كثير من أبناء المسلمين، عن طريق وسائل الإعلام ومناهج التعليم وغيرها من أسباب الدمار، حتى صار كثير من المسلمين يشعرون بالتبعية والانهزام أمام اليهود والنصارى والملاحدة، ولم يخرج العدو من بلاد المسلمين حتى غرس في كل قطر طاغوتاً يكمل المسيرة، وينفذ المخططات، ويحارب الأبناء البررة لهذا الدين الذين يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله. لكن هل بعد هذا الشر من خير؟ نعم. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خلافة على منهاج النبوة سيلوح فجرها في الأفق من جديد وأخبر أن هذا الدين سيبلغ مبلغ الليل والنهار ويدخل كل بيت بعز عزيز أو بذل ذليل ، وأخبر أن ملك أمته سيبلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وأخبر أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة دينها .